يمثل تطبيق Free Basics by Facebook، المعروف سابقًا كجزء من مبادرة Internet.org، محاولة طموحة من شركة ميتا (Meta) لربط المليارات التالية من المستخدمين بالإنترنت. الفكرة بسيطة في جوهرها: توفير وصول مجاني إلى مجموعة منتقاة من المواقع الإلكترونية والخدمات الأساسية دون استهلاك باقة البيانات، وذلك بالتعاون مع شركات اتصالات محددة حول العالم. لكن خلف هذه الواجهة البسيطة، يكمن عالم من التفاصيل التقنية، الجدل حول حيادية الشبكة (Net Neutrality)، ونموذج فريد يقدم لمحة عن مستقبل الوصول إلى الإنترنت في الأسواق الناشئة.

🌐 ما هو Free Basics وكيف يعمل؟

Free Basics هو تطبيق ومنصة ويب تتيح للمستخدمين في بلدان معينة تصفح قائمة محددة من المواقع الإلكترونية مجانًا. هو ليس إنترنت كاملًا ومفتوحًا، بل هو نسخة خفيفة ومُصغّرة منه. للوصول إلى الخدمة، يجب أن يكون لديك بطاقة SIM من أحد مشغلي شبكات الهاتف المحمول المشاركين في المبادرة. عندما تستخدم التطبيق، فإن شركة الاتصالات لا تحتسب البيانات التي تستهلكها لتصفح المواقع الموجودة داخل المنصة.

الآلية التقنية وراء ذلك تُعرف بمصطلح "Zero-rating"، حيث تتفق شركة (ميتا) مع مزود الخدمة على تحمل تكلفة البيانات أو التنازل عنها. النتيجة هي أن المستخدم النهائي يمكنه الوصول إلى خدمات مثل فيسبوك، BBC News، ويكيبيديا، ومواقع الطقس والصحة المحلية دون أي رصيد بيانات.

📱 الميزات الرئيسية لتطبيق Free Basics

صُمم التطبيق ليكون فعالًا وبسيطًا، مع التركيز على تقديم المحتوى الأساسي بأقل استهلاك ممكن للبيانات، حتى لو كانت مجانية.

• الوصول بدون تكلفة: الميزة الأساسية هي تصفح المواقع المتاحة ضمن الخدمة دون أي رسوم على البيانات.
• واجهة بسيطة: يعرض التطبيق المواقع على شكل نسخة خفيفة (Lite Version)، حيث يتم تجريدها من العناصر الثقيلة مثل الصور عالية الدقة والفيديوهات، مما يجعل التصفح سريعًا حتى على الشبكات البطيئة (2G).
• مجموعة متنوعة من الخدمات: رغم محدوديتها، تشمل القائمة عادةً خدمات ضرورية مثل:
  • شبكات التواصل الاجتماعي (فيسبوك بشكل أساسي).
  • الأخبار (مواقع إخبارية عالمية ومحلية).
  • الصحة (معلومات طبية أساسية).
  • الوظائف (بوابات للبحث عن عمل).
  • التعليم والمعرفة (مثل ويكيبيديا وقواميس).
• متعدد المنصات: على الرغم من أن التطبيق اشتهر بنسخته على نظام أندرويد، إلا أن الخدمة كانت متاحة أيضًا عبر متصفح الويب على الهواتف العادية (Feature Phones)، مما وسّع من قاعدة انتشاره.

🤔 الجدل الأكبر: Free Basics وحيادية الشبكة

على الرغم من الهدف النبيل المعلن، واجه Free Basics انتقادات حادة من نشطاء الإنترنت والمدافعين عن حيادية الشبكة. حيادية الشبكة هو المبدأ القائل بأن مزودي خدمة الإنترنت يجب أن يعاملوا جميع البيانات على الإنترنت بشكل متساوٍ، دون تمييز أو فرض رسوم مختلفة بناءً- على المستخدم، المحتوى، الموقع، أو التطبيق.

يرى النقاد أن Free Basics يخلق "حديقة مسورة" (Walled Garden)، حيث يتم تفضيل مواقع وخدمات معينة (تلك الموجودة على المنصة) على غيرها. هذا يخلق انقسامًا في الإنترنت إلى مستويين: مستوى مجاني وسريع ومحدود، ومستوى آخر كامل ومفتوح ولكنه مدفوع. هذا النموذج، حسب رأيهم، يهدد الابتكار والمنافسة، حيث أن الشركات الناشئة والمواقع الصغيرة التي لا تستطيع الانضمام إلى منصة Free Basics ستكون في وضع تنافسي غير عادل.

بسبب هذا الجدل، تم حظر الخدمة في بعض البلدان، أبرزها الهند، بعد أن اعتبرتها الهيئة التنظيمية للاتصالات انتهاكًا لمبادئ حيادية الشبكة. بينما استمرت في بلدان أخرى رأت فيها وسيلة عملية لزيادة انتشار الإنترنت.

⚖️ نظرة من منظور شرعي واجتماعي

من منظور الاستخدام المجتمعي والشرعي، يمكن النظر إلى Free Basics من زاويتين. من ناحية، توفر المنصة وصولاً مجانياً لمصادر معرفية مفيدة مثل المواقع الصحية والتعليمية والأخبار الموثوقة، وهو أمر إيجابي يتماشى مع مبادئ نشر العلم والمعرفة.

من ناحية أخرى، تكمن الإشكالية في أن الخدمة مبنية حول فيسبوك. الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي وما قد يحتويه من محتوى غير ملائم أو إضاعة للوقت هو أمر يثير قلقًا اجتماعيًا ودينيًا. عند استخدام التطبيق، يُنصح بالتركيز على الجوانب المفيدة وتجنب الانغماس في المحتوى الذي يتعارض مع القيم الشخصية أو الدينية. الخدمة في حد ذاتها أداة محايدة، وتعتمد الفائدة أو الضرر على طريقة استخدامها.

⚔️ جدول مقارنة: Free Basics في مواجهة المنافسين

لم يكن Free Basics هو الوحيد في ساحة خدمات "Zero-rating". ظهرت مبادرات أخرى من شركات مختلفة. إليك مقارنة سريعة بينه وبين نماذج مشابهة:

🚀 نصائح للاستخدام المتقدم وفرص مستقبلية

على الرغم من أن Free Basics قد يبدو بسيطًا، إلا أن فهم طريقة عمله يفتح الباب أمام استراتيجيات للاستفادة القصوى منه في المناطق التي لا يزال يعمل بها. يمكن للمستخدمين الاعتماد عليه كخط أساسي للمعلومات والتواصل النصي، مع الاحتفاظ ببياناتهم المدفوعة للمهام التي تتطلب إنترنت كاملًا مثل مشاهدة الفيديو أو تحميل الملفات الكبيرة. بالنسبة للمطورين وأصحاب المواقع، كانت المشاركة في المنصة تتطلب إنشاء نسخة خفيفة جدًا من مواقعهم تتوافق مع المعايير التقنية لـ Free Basics، وهو درس مهم في تصميم الويب الفعال للشبكات البطيئة.

🏁 خلاصة القول: خطوة نحو الاتصال أم انحراف عن مساره؟

يظل Free Basics by Facebook مشروعًا مثيرًا للجدل في تاريخ الإنترنت. هل كان جسرًا ضروريًا لربط المجتمعات المحرومة، أم كان حصان طروادة يهدف إلى ترسيخ هيمنة فيسبوك على حساب إنترنت مفتوح ومحايد؟ الحقيقة، كما هو الحال دائمًا، تقع في مكان ما في المنتصف. لقد أظهر التطبيق الإمكانات الهائلة لتوفير الوصول الأساسي بتكلفة منخفضة، ولكنه في الوقت نفسه سلط الضوء على المخاطر الكامنة في التخلي عن مبدأ حيادية الشبكة. ومع تراجع المبادرة في أجزاء كثيرة من العالم، يبقى إرثها درسًا قيمًا حول التوازن الصعب بين الوصول الشامل والحرية الرقمية.